top of page

تباعد لا ينتهي



قضينا أيام و ليال نحتسب دقائقها و ثوانيها، نقلب أعيننا و نتحسس خوفنا ما أن يقترب أحدهم منّا، يركض الجميع باتجاهٍ معاكس لتقريب المسافات محافظين على ما سُمي بـ " المسافة الآمنة" و أصبح العالم أجمع ينهج منهجاً واحداً عنوانه " ابعد بعيد حبك يزيد" بدلاً عن " البعيد عن العين بعد عن الخاطر" .

كان منهج التباعد لزاماً على أحبابنا و اعدائنا، اعتدنا على وضوحه مع من لا نطيق لكن هذه المرة علناً و تحت سطوة نظام عَيّنا له حراساً و فَرضنا غرامات على مخالفيه، اسعدنا ابقاء المتطفلين بعيداً و منحنا حق الحفاظ على حدود مساحاتنا الخاصة و حفظ دوائرنا المحيطة محمية آمنة و نظيفة.

أما مع أحبابنا فقد عَلمنا أننا أغنياء بالكثير مما كنا نجهل أننا نملكه، تعلمنا كيف نصارع بين مساحتي الخوف و الحب عندما نقرر أن نقترب منهم لنتحتضنهم و نقبلهم، وكيف تُحدثنا هواجسنا علناً و سراً ما أن يقترب إلينا أحبابنا و كيف نرفض قربهم خوفاً عليهم و ربما.. منهم، و كيف أصبحوا يطلبوا موافقتنا قبل شروعهم في اختراق "المتر والنص" .


و مع الإعلان عن انتهاء التباعد نظاماً و علناً .. تبقى هناك مسافات هامة في حياتنا و قد نسميها الآمنة جداً نقسيها و نرسم حددودها و نحفظ قياساتها عن ظهر قلب، قدر انملة و فتراً و شبراً و ذراعاً و باعاً ..!

هناك مسافات تباعد في حياة كل منّا لا تُلغى ابداً و نحن المسؤولين عن وضع قوانينها و صياغة انظمتها، يبقى التساؤل:

ماهي تلك المسافات في حياتك والتي نحميها لتبقى آمنة ؟ و مِن مَن؟

31 views0 comments

Recent Posts

See All

Comentários


Post: Blog2_Post
bottom of page