تسعدني و تؤرقني كثيراً التفاصيل؛
أحب أن أتأمل كيف يتعامل البشر مع مقتنياتهم الخاصة، كيف يرتبونها أو يبعثرونها و كيف يقدموا لها اهتمامهم و كيف يمنحوها دلالهم الخاص.
أحب أن أتأمل كيف يتمكن اصحاب المتاجر من وضع لمساتهم الخاصة في أركان المساحات، و طريقة رصف الأغراض و الأدوات على الأرفف و التي تمثل لي تفاصيل أرواحهم و أصالة طابعهم.
أحب أن أتأمل كيف للعازف أن يتواصل مع ذاته عبر لغة الموسيقى و يبدو ذلك جلياً على تفاصيل ملامحه و تقاسيم نغماته و تفاعل جسده من اللأصوات.
أحب أن أتأمل تفاصيل لوحات الرسامين و اتخيل كيف منحهم خيالهم كل هذا الإبداع لمزج الألوان و كيف سافر بهم ليتمكنوا من تصوير تفاصيل الظل و الضوء، الحزن و الفرح، الجمود و الحركة في مساحة لا تتعدى لوحة.
أحب أن أتأمل في الطبق الذي يقدمه الطاهي كيف صنع من تفاصيل مختلفة تماما ً وغير متجانسة، تفاصيل جديدة في اللون والطعم و الرائحة و يقدمها في طبق كان سابقاً خالي ذا لون واحد ليشع بعدها جمالاً و طعماً و رائحة تداعب كل الحواس.
أحب أن أتأمل للهدايا كيف تغلف و ترسل بتفاصيل تحمل عبق مرسليها و كأنهم أضافوا جزءً من ارواحهم عليها مهما تبالغوا أو تواضعوا في الإهداء.
أحب مراقبة تفاصيل شروق الشمس و غروبها و كيف يتسلل ضوئها و يغيب و يؤثر تبعاً على كل ما حولها؛ الألوان، الوضوح،الأحجام، الأشكال بل حتى نشاط العصافير و البشر.
التفاصيل تمنحني المقدرة على تفكيك الأشياء و اعادتها الى اصوالها، و تعلمني كيف لحرية الابداع بعد اصطفاف الاشياء أن تصنع شئ جديد، خلاب، متناغم و مختلف.
التفاصيل تمنحني مساحة كبيرة جداً من التواصل و التعبير دون كلام!
Comments