إلى المرآة التي لم و لن ترى نفسها
Updated: Nov 14, 2021
إلى المرآة التي لم و لن ترى يوماً نفسها، لكنها أفرطت النظر في رؤيتي و تفحصي؛
لطالما اعتقدت بأن النقطة التي بك هي شامة على خدي، و الخدش الطويل الذي تمتلكينه هو ندبة على جبهتي.
لطالما جعلتيني أرى انعكاسك أنت في تفاصيل وجهي، و تقسيمات جسدي، و تناسق ملبسي، بل و حتى في تحركاتي و تنقلاتي بين أركان غرفتي.
كنت أهرع إليك كل صباح و متى ما شعرت بعدم الثقة و الأمان لكي أتأكد من نظرتك تجاهي و أعرف رأيك في المتغيرات التي طرأت على ملامحي، و اتلصص من بعيد أياماً كثيرة لكي أتأكد أنك ما زلتِ هناك تريني و تمنحيني و جودك و قبولك لي، و أظهر بعدها واثقة شامخة أمامك لأرى حقيقتي في عيونك أنت و من خلالك.
سمحت لك كثيراً بأن تتخذي نيابة عني قرارات تبديل ملبسي، و ألوان زينة وجهي، و شكل تسريحة شعري، و ألقيت أمامك الكثير من الخطب و المحاضرات و أديت على مسرحك الكثير من الحوارات و كان بعدها لك القرار في إجازتها أو تغيّر خطتي. جعلتني أتراجع بالشك الذي زرعتيه في قدراتي و دفعتيني للتقدم بالإطراء الصامت الذي ألقيته عليّ.
و عندما قررتي يوماً الرحيل بانكسارك و حل مكانك مرآة آخرى تعرفت على شكلٍ آخر لوجهي و ذاتي، وجهاً غيرُ ذلك الذي كنت تجعلينني أراه!
و أنا أدقق النظر في وجهي الجديد قاطع شرود ذهني و دهشتي سؤال مرآتي الجديدة :
كم مرآة يجب أن تقفي أمامها حتى تعرفي نفسك أكثر؟!
لا تُصدق أن مرآة الأخرين أكثر صدقاً معك من مرآة روحك الداخلية .